Notes

ربّما كان الخبر فاجعاً في صبيحة هذا اليوم ، عندما علمنا أنّ جدّنا وأبانا وعمَّنا الحاج أبا خالد قد رقدت روحه عند بارئه ، واختار رفقة الرفيق الأعلى ،
فما علمنا عنه الّا كلّ خيرٍ وصلاح ، فلن ننسى جلساتنا معه ونصائحه لنا ، ولن ننسى جلسته الأخيرة معنا في عزاء جدّنا الأول، عندما كان يشتكي لي أفعال الشباب وضياعها ، ولهوها عن ذكر الله وانحرافها عن أهدافها ، وكأن الحرقة الّتي بداخله على أمته وأحوالها يحاول أن يريها لكلّ من عرف ، سبحان من خلقه فأحسن خليقته ، وكم من الأفضال الّتي لا تُذكر لهذا
يكفي ذرّيته الصالحة الّتي تركها خلفه فوالله ما رأينا مثل ورعها وتقواها ، وأخلاقها وبرّها
يكفيكم عزّاً أنّكم منه ، وأنتم أثر صلاحه ، يكفيكم فخراً أن يكون شفيعكم عند باريكم يوم القيامة ،
يكفيكم عزّاً وفخراً أن هذا الرجل قد أوصل الرسالة وأدّى الأمانة فلم يترك عمل دعوةٍ أو خيرٍ الّا كان له ضِلعٌ فيه ،
نعم لقد بكينا عليه وناحت أصواتنا من أجله فِراقه ، ولكنّه ان شاء الله ونحسبه كذلك أنّه رحل الى دارٍ خيرٍ من داره واهلٍ خيرٍ من أهله وزوجٍ خير من زوجه ،
وبينما أنا كذلك. اذ أطلّت أمّك العظيمة في فراقه محتسبةً صابرةً مقتديّةً بسنّة أزواج. نبيّها في الحزن فما رأيتها رفعت صوتها ، وما سمعتها أن قالت في وداعه " مع السلامة يابا مع السلامة يابا " كان جسمي يرتعش حينها كدت أن أنفجر من أمامي ولكن يا لعزم الرجال الّتي تري نسائها أنّها صابرةٌ وهي تحترق في داخلها ، وتقاوم الدمعات مقاومة الفريسةِ من جلّادها ، انّ الرجال يا صديق لا تبدي مدامعها أمام نسائها ، ليس عيباً يعتبرونها وانّما صبراً وتثبيتاً لنسائها ومحارمها ،
فلولا الله ثمّ هو " ابا خالد " لما كنت انت انت !
الحمدلله دائماً على نعمائه ، وتذكّرت اليوم موقف الحزن على فراقه بحزن الصحابة على رسول الله ، أيّ فاجعة تلك الّتي أصابت صحابته وحبيبته عائشة ، أيّ فاجعةٍ تلك الّتي جعلت أقرب الناس اليك هم من يدّسون التراب عليك عند مماتك. ، نعم هذه هي الحياة يا صديق فاليوم انت هنا وغداً في قبرك ، وأقرب الناس اليك هم أول من يدسُّ التراب فوقك ، وانّها لتذكرةٌ لنا علّنا نتّعظ ،
وبينما أتأمل منظر التراب الذي يُدسُّ فوقه قلت في نفسي ، انّ هذه الروح لا تموت وانّ هذا الجسم البالي انّما هو صورة ماديّة لتمثيلها فالروح لا تموت يا صديق وانما الأجسام المادية هي الّتي تموت ، الروح تنتقل الى باريها ، الى عالمها ،
لقد أطلت الحديث كثيراً وأعلم الحزن الذي يعتريك ، والحزن الذي المّ بك واحاطك ، ولكن ان لم تكن أنت صابراً فمن يكون يا فاطِمة ؟
ان لم تكتم أحزانك بداخلك. وتبدي أمام أُمّك المكلومة وجدّتك القوّة فمن ؟
والا تعلم أن حزنك يعني انطفاء النور لمن حولك ، وأن صبرك وقوّتك يعني عودة الحياة لأرواحٍ قاربت أن تفارق الحياة جرّاء حزنك ،
اصبري واصطبري يا فاطمة ، فما علمنا عنكِ الّا قوّة الصبر وقوّة الجأش ، الجميع يحتاج الآن قوّتك وصبرك ، فلا تخيّبي أمالهم ، بثّي الأمل فيمن حولك ، وذكريهم انّ عبداً خيروه بين دنياه وجوار ربّه فاختار جوار ربّه ، ولا تدري
ربّما هو يتعجّب منّا الآن على حزننا عليه وقد رأى اليوم منزلته في الجنّة ويرسل الينا همسه ان لا تبكو ولا تحزنو انا فزت بالجنّة وزحزحت عن النار ، قولي من أعمق ما يكون الحمدلله وتذكّري نعم الجليل ، واعلمي أنّ الله اختار له الأفضل ، والآفضل ، الّا تحزني الآن وكوني قويّةً جداً فأنت حفيدته الّتي باركها على يديه ، وصنعها على عينه ، فهنيئاً له بهذا الاثر المجيد والصدقة الجارية الّتي لا تنقطع :)
قومي وصبّري من حولك ، وانشري رياحين الأمل بين من حولك كوني قويّة يا فاطمة كما عرفنا عنكم وسمعنا أيضاً عنكم :)
، لن ننساكم من دعائنا :)
سامحونا على الاطالة :)