Notes

ثار تويتر في الأيام الماضية، بما يُسمى بحقوق المرأة، المرأة العمانية. وكان الموضوع يتمحور حول إجابة سؤال : أأخذت المرأة العمانية كامل حقوقها أم لا؟
سنعود بك للوراء قليلًا، لمادتك الأولى في كلية الحقوق : المدخل إلى القانون .
ربما لو منحت الدراسة جهدك مثلما تفعل في إرهاب الرأي الآخر لتذكرت أن (الحق) بما معناه هو السلطة التي تخولك للإنفراد بالأشياء قانونًا. رائع! الآن بدأت بالتذكر؟ نعم، و(قانونًا): يعني أن القانون هو الذي يكفلها لك(ليس المجتمع ولا المنزل ولا أفكارك الخاصة) ومن يسعى بذلك هو السلطة التشريعيّة.
ما معنى أن يُهضم حقك؟ هذا يعني أن السلطة التشريعية(بالمعنى الواسع: الدولة) لم تمنحك هذه السلطة بالامتلاك- رغم استحقاقك لها.
جيّد، الآن بعد أن عرفنا (الحق) يمكن أن نعتبر المرأة أي كائن يحمل ٢٣ زوج من الكرموسوم أحدها xx.يُرجى مراجعة كتاب الأحياء للاستزادة.

إذن، هل المرأة العمانية كفل لها القانون سلطتها لامتلاك ما هو حق لها؟ هل تقف على قدم المساواة مع مثيلاتها في دول الجوار؟

لست بصدد الإجابة على هذا السؤال، لأن الإجابة لم تعد تهم الطرفين على ما يبدو بعد أن وضعت الحرب أوزارها.
نظرة خاطفة على ردة الفعل تجاه الموضوع من شباب في المستوى الجامعي في المتوسط، وطلبة قانون خصوصًا، توضح رؤية محبطة لآمال كل متطلع للنشء الجديد.
قسّم الناس الموضوع كما في لعبة كرة قدم، هناك فريقين (من ناقشوا، حسنًا أقولها تلطيفًا، لم تكن هناك مناقشات حقيقية، تراشقوا) فريق يناصر وآخر يناهض، وكان هناك الجمهور الذي يؤجج الحدث. هتافات من كل جانب، الجميع يحاول "انتزاع" الكرة من الآخر كي "ينتصر".
يفترض في النقاش دومًا أن الجميع يقف على نفس المستوى، تبادل وجهات النظر يفضي إلى تشعب الآراء ثم إلى الأخذ والرد فيها وهذا هو معنى النقاش والهدف منه للوصول لأفضل النتائج.
الموضوع كان مختلفًا إذ حاول البعض شهر المصاحف على الرماح، وهذا الذي لايحدث في أي مجتمع متمدن، وهذا الذي -وبالضبط- لايفعله الطالب الجامعي. لأن من يرفع المصاحف على الأسنّة في الأولى، سيكون عرضة لأن يُرمي بقميص عثمان في الأخرى.
لن تنتصر لله في علياءه حين ترمي أخيك المسلم -أو الذي تحسبه كذلك- بالكفر، وكما أنك تنكص بكل آليات الحوار حين تحاول تنتصر للرأي وفق أيدولوجياتك الخاصة (حسنًا لم تكن هناك أيدولوجيات متفرقة، كان الكلاسيكو بين فريقين. والمنتصر، ببساطة، من يكفّر أو يزندق الآخر).
بمتابعة الحوارات التي تلتف باهتياج لتتحول لزوبع ديني مستعد أن يبتلع الرأي الآخر بإماطة اللثام عن الوجه الوديع الذي يكفهر بمجرد الاختلاف، يوضّح نوع الغرس التي احتاج البيئة المناسبة ليثمر. وبالنسبة لموضوع النقاش هو لا يخدمه في النهاية بشيء، أحدهم سيخرج كافرًا، والحوار سيُنسى والموضوع سيُهمش لأنه صار انتصارًا لدين وليس لفكرة.
الشباب هم عماد المستقبل (يبدو هذا الكلام صدئا ومستهلكا ولكنها -وياللمفارقة- حقيقة!) نعم الشباب هم عماد المستقبل، إذا فشلوا في الحوار، تتحول أبسط النقاشات إلى معارك بالسيوف والرماح تنتظر فاتحيها، لتنخر الفاشية فيه إلى أن يصبح رمم.
بشكل عام، لم يكن المهم ما إجابة السؤال، قياس ردات الفعل لموضوع كهذا ينبىء بالحال والمآل.