NotesWhat is notes.io?

Notes brand slogan

Notes - notes.io

لا شكّ أنّ سِمَة المَسخ الفكري الأولى لأجيالنا هي [العبثية] و [والعدمية]، وليسَ الإلحاد، وإن كانت مآلات الإلحاد النهائية تقود لعبثية ما

والمَقصود بالعَدمية، كمسخ فكري، فهي أن لا تختار الإيمان، وفي المُقابل لا تختار الإلحاد، أن لا تختار دِيانة وفي المُقابِل أن لا تُهاجِم ديانة

والعدمية هُنا نابعة من شعور أصيل في الذات، بلا جَدوى الإيمان، وكذا لا جدوى الإلحاد، لا جدوى لأي قرار أو أي موقف أيًّا كان

ويُقابلها أن يشعر الفرد بالاشمئزاز من كلام المُتديّنين وكذا يشعر بالفجوات التي تطغى على خِطاب المُلحدين

وتُمثِّل العبثية اليوم، عقيدة كامنة في الأجيال، فهي مخترقة لأتباع الديانات وتتنامى مع معزّزاتها بالواقع وتتضخّم حتى تحتل الشطر الأكبر

ولهذه العدمية، وعلى وجه الدقة لهذه "النهلستية" دلالات و مُسبِّبات ولم تكن يومًا وليدة الصدفة ولا حدث عارض

وفي المضامين التي ترتِكِز عليها العدمية أقترح 3 مرتكزات:
1. ضرب مبدأ العِليّة
2. التنصّل من المُساءَلة الأخلاقية
3. اللاجدوى كنتيجة حتمية

[أولًا] ضرب مفهوم العلّية أو السببية Causality، وليسَ من المُبالَغة القَول، أنّ كلمة "هيك" كإجابة على سؤال "ليش/لماذا" أخطر وأصرح تعبير عنها

ولهذا جذور تربوية في سلوكيات الوالدين أمام الأولاد، وخاصة في مرحلة الطفولة إذ أنّ الملَكة السببيّة تكون في نشاطها في ربط النتائج بالمُسبّبات

وأكثر ما يؤجّج هذا التساؤل عند الأطفال عند الصِدام مع مصائب كُبرَى في بُنية حياتهم، كطلاق الوالدين، أو موت أحدهم، إذ لا يستطيعون التفسير

وقد كتب بول فيتز كتاب ممتاز يُقدِّم لمثل هذه الرؤية بعنوان: إيمان فاقد الأب Faith of the Fatherless وكيف تؤسس هذه الإشكالات لامتناع الإيمان

[ثانيًا] أهم فِكرة تُعزِّز العَدمية كمنظور فكري للأجيال الصاعدة، هي التنصُّل من أي مُحاسبة أو مُساءلة أخلاقية أو غير أخلاقية

وبمعنى، أنتَ تُحاكِم فقط من لديه موقف على موقفه، لكن كيف بإمكانك أن تُحاكِم شخص لم يتخذ موقفًا من أي شيء

وهُنا فرق جوهري بين العَدمية والإلحاد برأيي، إذ الإلحاد موقف تجاه الوجود في نهاية الأمر، أمّا العدمية كفلسفة ذاتية، فهي منزوعة المُساءَلة

وبالتالي نحن أمام أجيال قامت بعملية دفاع ذاتي مَكين، فأنتَ لا تستطيع أن تُحدِّثها عن الإيمان، فهي ليست مُلحدة، ولا عن الإلحاد فهي ليست مؤمنة

وأنتَ لا تستطيع أن تُحاكمه على سلوكه اللاأخلافي وفق كتاب مقدّس فهو غير مؤمن بشكل جدّي، ولا أن تُحاكمه على أخلاقيته فهو غير مُلحِد بشكل جدّي

والجدير بالذكر أنّ مَن يدخل هذا النطاق يُطيل البقاء فيه، فهو يعجبه هذا الدور، الدور المَحميّ، الذي تصعب مساءلته وكذا الهالة التي يثيرها حوله التي تُعجبه ويرتضيها

وفي المُناظرة الممتازة التي أذاعتها إذاعة الـ BBC بين القِس كوبليستون وبرتراند راسِل سنة 1948...

سُئُل راسِل عمّا إذا كان يوافق سارتر القول بأنّ "الحياة بلا مُبرِّر" فأجاب: لا أقول هذا، فلهذا دلالات أخرى، أنا كل ما أقوله أنّ الكون وُجد وفقط

إجابة راسِل هنا دقيقة للغاية، فهو إذ وافق سارتر بقوله أنّ الحياة بلا مُبرِّر يكون بذلك قد اتخذ موقفًا يمكن أن نحاسبه على أساسه ولكنه لم يفعل

وهو ما يَعني أن تكون "لا أدري" أو نهلستيّ Nihilist، يعني أن تتنصّل أخلاقيًا من أي مُحاكمة إيمانية أو إلحادية وبالتالي التصرّف كما يحلو لك

لكن هذا الخيار (أن تكونَ نهلستيًا) تعبير صريح عن عجزِك عن أن تُمارِس حقك ككائن بشري بالتحيّز، وبالتالي التنازل عن ذاتيتك Subjectivity

إذ يبدو أنّ الامتياز الوَحيد للإنسان عن الحَيوان، هي قدرته على التحيّز، وصَبغ الخارج بصِبغة ذاتية، أو تفسير الخارج تفسير ذاتي

ما يعني أنّ عملية التنازل عن حقّك بالتحيّز واتخاذ المواقف يعني:
- انحدارك لدرجة أدنى من الإنسانية
- تقاعس عن إعمال العَقل والركون للراحة

أمّا على المستوى الواقعي فالحياة والمُجتَمعات لا يُمكِن أن تُدار بهذه الطريقة، إذ لو كُنتَ وحدَك في العالَم لغدا عدم تحيّز قرار مقبول

لكن من المَلحوظ أنّ الحياة والدُوَل تُدار بتحيّزات إدارية وقانونية وأخلاقية مفروضة على الجميع شاؤوا أم امتنعوا

[ثالثًا] فتتمثّل بلا جدوى أي فعل، وهُنا عودة لشخصية الجوكر الذي لا أستطيع الانفكاك من دلالات فلسفته

وتمتاز شخصية الجوكر ويُمكِن للمُشاهِد أن يَلحَظ هذا على مستوى أكثر من مشهد وأكثر من موقف في الفيلم، بالعَدَمية ولا جدوى لأفعال،، وبلا علّة

وفي مَشهَد عظيم يشمئّز الجوكر من أهداف المُجرِمين، ويحرِق الأموال جميعها ليقول أنّه سيرفع من مستوى الجريمة (أي أن تُصبِح الجريمة بلا دوافع)

وعندما سأل بروس واين، مُستشاره لماذا يُقدِم الجوكر على مثل هذه الأفعال؟ يُجيب: بعض الأشخاص لا يبحثون عن أي سبب منطقي...

أخيرًا لعلّ السيولة التي ابتلعتنا والنسبية الأخلاقية التي جرّها انفتاح غير متوقّع على الآخر وتكوين عَقَدي غير سليم سبّب نسبية وعَدَمية أخلاقية


     
 
what is notes.io
 

Notes.io is a web-based application for taking notes. You can take your notes and share with others people. If you like taking long notes, notes.io is designed for you. To date, over 8,000,000,000 notes created and continuing...

With notes.io;

  • * You can take a note from anywhere and any device with internet connection.
  • * You can share the notes in social platforms (YouTube, Facebook, Twitter, instagram etc.).
  • * You can quickly share your contents without website, blog and e-mail.
  • * You don't need to create any Account to share a note. As you wish you can use quick, easy and best shortened notes with sms, websites, e-mail, or messaging services (WhatsApp, iMessage, Telegram, Signal).
  • * Notes.io has fabulous infrastructure design for a short link and allows you to share the note as an easy and understandable link.

Fast: Notes.io is built for speed and performance. You can take a notes quickly and browse your archive.

Easy: Notes.io doesn’t require installation. Just write and share note!

Short: Notes.io’s url just 8 character. You’ll get shorten link of your note when you want to share. (Ex: notes.io/q )

Free: Notes.io works for 12 years and has been free since the day it was started.


You immediately create your first note and start sharing with the ones you wish. If you want to contact us, you can use the following communication channels;


Email: [email protected]

Twitter: http://twitter.com/notesio

Instagram: http://instagram.com/notes.io

Facebook: http://facebook.com/notesio



Regards;
Notes.io Team

     
 
Shortened Note Link
 
 
Looding Image
 
     
 
Long File
 
 

For written notes was greater than 18KB Unable to shorten.

To be smaller than 18KB, please organize your notes, or sign in.