Notes

قرر الشيطان في نفسه المكر في عابد يتعبد في بلاد الشمس في كهف يقع خلف نهر بيرو الذهبي فذهب اليه متخفيا بثياب رجل رث الثياب أشعث الشعر وجلس خلف الباب يريد أن يتلو خطيئته للعابد لكي يطلب العابد من الله أن يغفر له فدعوة العابد لا ترد فأخذ يمكر ويقول: إني فلّاح ابن فلّاح أستيقظ قبل شروق الشمس ولا أتلهى عن صلاة وأمضي يومي في البستان على التمر واللبن وحين تغيب الشمس أجمع ما طاب من الثمار وأصل بها رحمي وأنا وحيد أبي وأمي وليس لي زوجة ولم أقرب النساء قط ولا أحبس الزكاة , ها وقد سمعت قصتي فهلا دعوت لي أن يغفر الله ذنبي.
فأجابه العابد يا ابني إني لم أرى من هو أتقى منك وأني اطلب الرحمة والمغفرة لك ولكني سأقص عليك شيء حدث في الزمن الغابر واني سأسرك بما تسمع وإني سأقنعك بأن الذين قاموا بتك الخطايا يعدّوا أشقياء قياسا بك.
فقص عليه العابد قصتنا تلك التي حدثتكم بها, ثم سأله أيهم قدم أكبر تضحية؟ وكان العابد أوتي من العلم والحكمة لم يؤتى مثلها الا الخضر عليه السلام, فهو يعلم أن الله خلق ابن آدم وخلق الخطيئة تلازمه , ووقع في قلب العابد أنه لا يستطيع أن يعرف أي الخطايا السبع يرتكبها ذلك الغريب الا بعد أن يعرف جوابه ، لأنه عندما يفضل أحدهم على الآخر سواء ياسمين أم أباها أم زوجها أم الضيوف أم رئيس الطهاة أم اللص أم العابد أم حبيبها يستطيع أن يعرف أي الخطايا تسيطر عليه.
فأجاب الشيطان : إنه ليس من السهل علي الإجابة فالزوج لم يضحي أقل من الحبيب وإن تضحية الضيوف ليست أكبر تضحية من تضحية اللص وكل منهم يستحق الثناء على ما قدّم , فقال له العابد متعجبا من شدة ما سمع : التماس اليك الرحمة يا هذا قل لي بالله عليك أيها تفضل لا بد أن تجد أن أحدهم قد قدم تضحية أهم وأكبر من الآخر.
فقال الشيطان : ليس لي أن أنتقص من عمل أحدهم كما أني لا أستطيع أن أفاضل بينهم.
فهمس العابد: والله ان الخطايا السبع تتملك عقلك وقلبك ووالله انها لا تكون إلا في الشيطان نفسه.
فوثب الشيطان من مكانه ولاذ بالفرار.
وأصبحت قصة العابد والشيطان حديثا للأجيال القادمة تروى من عصر لعصر لنعرف أي الخطايا تأسر نفوسنا.