Notes

بَعْدَ عَهْدٍ لَنَـا بِبُرْقَةِ شَمّــاءَ فَأَدْنَى دِيَــارِهَا اٌلْخَلْصاءُ
فَالُمحَيَّاةُ فالصِّفـاحُ فَأَعْنـاقُ فِتَـاقٍ فَعادِبٌ فَالْوَفَاءُ
فَرِيــاضُ اُلْقَطَا فأوْدِيَةُ الشُّرْ بُبِ فالشُّعْبَتَـانِ فالأَبْــلاءُ
لا أرى مَنْ عَهِدْتُ فيهَـا فأبكي اٌلْيَوْمَ دَلْهاً وَمَا يُحِيرُ اُلْبُكَاء
وَبِعَيْنَيْكَ أَوْقَدَتْ هِنْدٌ اُلْنَّــارَ أَخِيراً تُلْوِي بِها اُلْعَلْيَـاءُ


انا الحارث بن حلّزة، من عظماء قبيلة بكر بن وائل، قبيلة بكر بن وائل من أشهر قبائل ربيعة على الإطلاق في العصر الجاهلي وصدر الإسلام وفي عصور الخلافة الأموية والعباسية، وتعد من أكبر القبائل العربية عدداً وعدة. وهم أبناء عمومة تغلب وأحد طرفي حرب البسوس.
وقد خرج معظمها إلى بلاد العراق وبلغت في نجعتها إلى ديار بكر (في جنوب تركيا حالياً)، وبعد الإسلام دخل الكثير من رجال قبيلة بكر مع الجيوش الإسلامية واشتركت في الفتوحات ومنهم قادة عظام كما برز منهم علماء وهي واحدة من جماجم العرب الكبرى، كنت شديد الفخر بقومي حتى ضرب علي المثل فقيل «أفخر من الحارث بن حلزة"، أنشدت معلقتي للملك عمرو بن هند رداً على عمرو بن كلثوم. و يقال انه أعدّها وروّاها جماعة من قومي لينشدوها نيابة عني لأني كنت برصا وكرهت أن انشدها من وراء سبعة ستور ثم اغسل أثري بالماء، كما كنت افعل بسائر البرص ثم عدلت عن رأي وقمت بإنشادها بين يدي الملك وبنفس الشروط السابقة. لما سمعها الملك وقد وقعت في نفسه موقعاً حسناً أمر برفع الستور وأدناها مني وأطمعت في جفنته ومنع أن يغسل أثره بالماء.


وكان عمرو بنُ هند ملكُ الْحِيرة قد أصْلح بين الْحَيَّيْن، فأخذ رهْنًا من كلِّ حيٍّ مائةَ شابٍّ من كلِّ قبيلة؛ يَغزون وَيسيرون معه، فأصابَهم سمومٌ في بعض سَيْرهم، فهلَك عامَّةُ التغلِبيين، فطالَبوا البَكْريين بِدِيَات غِلْمانهم، واشتدَّ الأمرُ بينهم، فقالوا: نقِفُ على حُكم الملك عمرو بن هند، وتلاحَى "النُّعمان بن هرم اليَشْكُري"، و"عمرو بن كُلثوم" أمامَ الملك، فغَضِب عمرو بن هند، وكان يؤثِر بني تَغْلِب على بَكْر، واشتدَّ غضبُه على "النعمان"، وكادَ يَقضي لتَغْلِب على بَكْر، فقام الحارث بن حِلِّزَة اليَشْكُري من خلف الصفوف، وارْتَجَل قصيدتَه المعلَّقة ارتجالاً، وهو متوكِّئ على قوْسه والملك يَسمعه مِن وراء حجاب؛ لأنَّه لا يحبُّ أنْ يرى أحدًا به سوء، وكان الحارث به وضحٌ، فما زال الملك يَقرِّبه ويُدْنيه؛ حتى خَلصَ إليه، ويُقال: إنَّ الحارث وقْتها كان مُسنًّا فوقَ المائة.

كان الباعث الأساسي لإنشاد المعلقة دفاع عني عن قومي وتفنيد أقوال خصمي عمرو بن كلثوم. تقع المعلقة في خمس وثمانين بيتاً، نظمت بين عامي 554 و569 م. وطبعت في إكسفورد عام 1820 م ثم في بونا سنة 1827 م. ترجمت إلى اللاتينية والفرنسية

وتعتبر هذه المعلقة نموذجا للفن الرفيع في الخطابة والشعر الملحمي وفيها قيمة أدبية وتاريخية كبيرة ونفاذ الحجة، كما أنها تحوي القصص وألوانا من التشبيه الحسّي كتصوير الأصوات والاستعداد للحرب وفيها من الرزانة ما يجعلها أفضل مثال للشعر السياسي والخطابي في ذلك العصر.