Notes

سورة النور ،
هذه السورة مدنية بلا خلاف
ويذكر فيها النور بآثاره ومظاهره في القلوب والأرواح ممثلة هذه الآثار في الآداب والأخلاق التي يقوم عليها بناء هذه السورة.

وهي آداب وأخلاق نفسية وعائلية وجماعية، تنير القلب، وتنير الحياة ويربطها بذلك النور الكوني الشامل أنها نور في الأرواح، وإشراق في القلوب، وشفافية في الضمائر، مستمدة كلها من ذلك النور الكبير

والمحور الذي تدور عليه السورة كلها هو محور التربية التي تشتد في وسائلها إلى درجة الحدود.

والهدف واحد في الشدة واللين. هو تربية الضمائر، واستجاشة المشاعر ورفع المقاييس الأخلاقية للحياة، حتى تتصل بنور الله..


{سُورَةٌ أَنزَلْنَاهَا} أي هذه سورة عظيمة الشأن من جوامع سور القرآن أوحينا بها إليك يا محمد {وَفَرَضْنَاهَا} أي أوجبنا ما فيها من الأحكام إيجاباً قطعياً 

وَأَنزَلْنَا فِيهَآ آيَاتٍ} أي: أمثالاً ومواعظ وأحكاماً ليس فيها مشكل يحتاج إلى تأويل.
2-
{ الزانية والزاني } ،
وإذن فالذين يرتكبون هذه الفعلة لا يرتكبونها وهم مؤمنون. إنما يكونون في حالة نفسية بعيدة عن الإيمان وعن مشاعر الإيمان. وبعد ارتكابها لا ترتضي النفس المؤمنة أن ترتبط في نكاح مع نفس خرجت عن الإيمان بتلك الفعلة البشعة لأنها تنفر من هذا الرباط وتشمئز.

وقدمت الزانية على الزاني لأن داعيتها أقوى لقوة شهوتها ونقصان عقلها ولكون زناها أفحش وأكثر عاراً

والجلد إصابة الجلد بالضرب كما تقول رأسه وبطنه وظهره أي ضرب رأسه وبطنه وظهره والمأمور بالجلد أئمة المسلمين دنوا بهم.

أن المحصن يرجم ولا يجلد وجلد علي رضي الله عنه شراحة الهمدانية ثم رجمها وقال: جلدتها بكتاب الله ورجمتها بسنة رسول الله.


ولكن لماذا هذا التشديد ؟
ومن التشديد على تحريم الزنا

أراد الإسلام محاربة الحيوانية التي لا تفرق بين جسد وجسد، أو لا تهدف إلى إقامة بيت، ، وإنشاء حياة مشتركة، لا تنتهي بانتهاء اللحظة الجسدية الغليظة

وأن يقيم العلاقات الجنسية على أساس من المشاعر الإنسانية الراقية، التي تجعل من التقاء جسدين نفسين وقلبين وروحين، وبتعبير شامل التقاء إنسانين، تربط بينهما حياة مشتركة، وآمال مشتركة، وآلام مشتركة، ومستقبل مشترك، يلتقي في الذرية المرتقبة، ويتقابل في الجيل الجديد الذي ينشأ في العش المشترك، الذي يقوم عليه الوالدان حارسين لا يفترقان.

من هنا نعلم لماذا شدد الإسلام في عقوبة الزنا بوصفه نكسة حيوانية، تذهب بكل هذه المعاني، وتطيح بكل هذه الأهداف وترد الكائن الإنساني مسخا حيوانيا، لا يفرق بين أنثى وأنثى، ولا بين ذكر وذكر. و الذي يحسبه الكثيرون عاطفة يتغنون بها، وإنما هي انفعال حيواني يتزيا بزي العاطفة الإنسانية في بعض الأحيان!

إن الإسلام لا يحارب دوافع الفطرة ولا يستقذرها إنما ينظمها ويطهرها، ويرفعها عن المستوي الحيواني، ويرقيها حتى تصبح المحور الذي يدور عليه الكثير من الآداب النفسية والاجتماعية.



{إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ}
تثبيت وحض وتهييج للغضب لله ولدينه وأمره تعالى بحضور جلدهما طائفة إغلاظاً على الزناة وتوبيخاً لهم بحضرة الناس
 
ٱلزَّانِي لاَ يَنكِحُ إِلاَّ زَانِيَةً}
لا ينكح لا يطأ وزاد المشركة في التقسيم فالمعنى أن الزاني في وقت زناه لا يجامع إلا زانية من المسلمين أو أخس منها وهي المشركة والنكاح بمعنى الجماع.

وَٱلَّذِينَ يَرْمُونَ}
القذف الرمي بالزنا وغيره واستعير الرمي للشتم لأنه إذاية بالقول كما قال وجرح اللسان كجرح اليد.

و{ٱلْمُحْصَنَاتِ}
الظاهر أن المراد النساء العفائف وخص النساء بذلك وإن كان الرجال يشاركوهن في الحكم لأن القذف فيهن أشنع وأنكى للنفوس

ولما كانت معصية الزنا كبيرة من أمهات الكبائر وكان متعاطيها كثيراً ما يتستر بها وقلما يطلع عليها أحد شدّد الله على القاذف حيث شرط فيها أربعة شهداء

{فَٱجْلِدُوهُمْ} الأمر للإِمام ونوابه بالجلد والظاهر وجوب الجلد وان لم يطالب المقذوف 
والظاهر أن العبد القاذف الحر إذا لم يأت بأربعة شهداء جلد ثمانين لاندراجه في عموم والذين


وَٱلَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ} والمعنى بالزنا.
{وَلَمْ يَكُنْ لَّهُمْ شُهَدَآءُ} ولم يقيد بعدد اكتفاء بالتقييد في قذف غير الزوجات والمعنى: شهداء على صدق قولهم وأزواجهم يعم سائر الأزواج من المؤمنات والكافرات والاماء فكلهن يلاعن الزوج للانتفاء من الحمل وقرىء: أربع شهادات
سَبَبُ النّزول: أ - روي أن امرأةً تُدعى "ام مهزول" كانت من البغايا فكانت تُسافح الرجل وتشرط أن تنفق عليه، فأراد رجل من المسلمين أن يتزوجها فذكر ذلك لر9سول الله صلى الله عليه وسلم فأنزل الله {ٱلزَّانِيَةُ لاَ يَنكِحُهَآ إِلاَّ زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ} الآية.
ب - عن ابن عباس أن "هلال بن أُمية" قذف امرأته عند النبي صلى الله عليه وسلم بـ "شريك بن سحماء" فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "
البينةُ أو حدٌّ في ظهرك
" فقال يا رسول الله: إذا رأى أحدنا مع امرأته  رجلاً ينطلق يلتمس البينة؟ والذي بعثك بالحق إني لصادقٌ، ولينزلن الله ما يبرئ ظهري من الحد فنزلت {وَٱلَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ..} الآية.
إذا لم يُقم البينة على صحة ما قال ثلاثة أحكام: أحدها أن يجلد ثمانين جلدة الثاني: أن ترد شهادته أبداً الثالث: أن يكون فاسقاً ليس بعدل لا عند الله ولا عند الناس {إِلاَّ ٱلَّذِينَ تَابُواْ مِن بَعْدِ ذٰلِكَ} أي إلا الذين تابوا وأنابوا وندموا على ما فعلوا من بعد ما اقترفوا ذلك الذنب العظيم {وَأَصْلَحُواْ} أي أصلحوا أعمالهم فلم يعودوا إلى قذف المحصنات قال ابن عباس: أي أظهروا التوبة {فَإِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} أي فاعفوا عنهم