NotesWhat is notes.io?

Notes brand slogan

Notes - notes.io

(وتذوقوا السوء بما صددتم)
من الخاسر الأكبر في اقتتال الشام

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله،
1. ما سأقوله هنا لا علاقة له بإدانة فئة مقاتلة في الشام أو الانتصار لها. وفي الوقت ذاته لا يعني التسوية بين أطراف الاقتتال. ببساطة، ليس موضوعي هنا بيان ذلك. إنما سأورد أمرا ينبغي أن يتفق عليه العقلاء جميعا بغض النظر عن مواقفهم، لأنه متعلق بالمصلحة العليا: صورة الإسلام الذي يرفع الجميع شعار خدمته ونصرته. فليتأمله من كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد.

2. يحاول كل من طرفي الاقتتال بالشام إثبات انحراف الطرف الآخر، ويشارك في ذلك مناصرو كل من الطرفين. ليس هذا محل إنكارنا إذ أنه فرع عن أصل فلا يقوَّم منفردا وليس في كل أحواله مذموما بل بحسب صوابه من خطئه ورجحان الفائدة أو المضرة الشرعية من إظهاره.

3. لكن الخطير في الموضوع أن هذا التجييش الإعلامي كثيرا ما يكون متحللا من الضوابط الشرعية، إذ يتم تناقل صور ومقاطع غاية في التنفير، تنم عن انعدام في الرحمة الإنسانية فضلا عن الإسلامية!

4. هدف كل طرف من نشر هذه المقاطع بيان انحراف الطرف الآخر وفض الناس عنه وتبرير قتاله، بحق أو بباطل (وليس هذا موضوعنا).

5. البعض يبرر لنفسه تلقف هذه المقاطع والصور ونشرها دون التحقق من نسبتها إلى خصمه لأن خصمه "وإن لم يفعل هذه الحادثة بعينها فإنه يفعل مثلها"!

6. الخطير جدا في الموضوع أن بعض الحوادث التي ينبغي أن "تقيد ضد مجهول"، أو يشار بأصابع الاتهام إلى النظام الدولي المصطاد في الماء العكر من خلال عملائه المندسين، أصبحت الجماعات المقاتلة تقيدها على بعضها البعض. والمحصلة: المتهم بهذه الحوادث في عيون الناس هو: "الجهاد الشامي"! والشهود على الإدانة هم "المجاهدون" أنفسهم!

7. عامة الأمة الإسلامية، ومن بعدها العالم، لا يفهمون أن: الدولة فعلت، النصرة فعلت، الجبهة الإسلامية فعلت، بل: "المقاتلون في سوريا يفعلون هذا ببعضهم البعض".

8. ومع ذلك، فبعض المقاتلين و "مناصريهم" لا يجدون في التجييش الإعلامي غير المنضبط تنفيرا عن الإسلام، بل يقول: (الجماعة الفلانية لا تمثل الإسلام وسلوكها لا يحسب على الإسلام. فنحن نبين أفعالها ليعلم الناس حقيقتها فينفروا عنها ويواجهوها ويخلصوا جهاد الشام منها).

9. لكن الحقيقة أن هذا التجييش الإعلامي غير المنضبط لم ينفر الناس عن جماعة ما بشكل كامل، ولم "يخلص جهاد الشام منها"، بل ينفر الناس عن الجهاد الشامي برمته، بل وينفر كثيرين عن مبدأ الجهاد ذاته!

10. وبهذا يكون بعض المقاتلين و "مناصريهم" سببا في فتنة الناس عن دينهم من حيث ظنوا نصرة الطائفة المحقة!

11. من يقع في هذا الخطأ؟ أكثر من جهة في الحقيقة، وعلى درجات. ولا شك أن البعض سلم من ذلك. لكن ليس هذا مقام التعيين الذي سيستدعي المهاترات والتلاوم ويعمق الإشكال المذكور، بل هي دعوة للعقلاء: فلنختلف على كل شيء، ولنخطئ بعضنا منهجيا كما نشاء، ولكن لنتذكر أن الفجور في الخصومة وعدم مراعاة الضوابط فتنة للناس توقعنا في قوله تعالى:
(ولا تتخذوا أَيمانكم دخلا بينكم فتزل قدم بعد ثبوتها وتذوقوا السوء بما صددتم عن سبيل الله ولكم عذاب عظيم)! اللهم عافنا! والله لحال الغافلين من المسلمين ممن لم يسهموا في جهاد الشام بخير ولا شر أرجى من حالنا حينئذ!

12. الحرب الإعلامية غير المنضبطة لا تستأصل جماعة دون جماعة، بل تستأصل القناعة بالجهاد من نفوس الناس!

13. ليس أخطر ما في الأمر أن يفقد الناس القناعة بالجهاد الشامي ويروه انحرافا عن الجهاد الذي شرعه الله تعالى، بل أن يفقدوا القناعة بالجهاد ذاته ويظنوا أن عوامل فشله موجودة فيه، فيكرهوا شيئا من دين الله ويشكوا في صلاحيته. وحينئذ فسيكون تلبيس إبليس هذا مبنيا على الصورة المشوهة التي قدمناها!

14. لعلك تقول: وماذا قدم هؤلاء الناس للجهاد الشامي حتى نهتم برأيهم؟ والجواب: وإن لم يقدموا شيئا وكانوا في ذلك مذنبين، فهل يحل لنا أن ننفرهم عن دين الله؟! ثم إن لم يشاركوا في المشروع الإسلامي فهل نريد أن نحولهم إلى أعداء له بسوء سلوكنا؟

15. في التجربة المصرية، تركت الدولة العميقة "الإسلاميين" "يخبصون" فترة من الزمن، ورصدت "تخبيصاتهم"، فخرج بها "إعلاميو" الدولة العميقة ليضحكوا الناس من هؤلاء "الإسلاميين" وينفروهم من مشروعهم. وبالفعل فُتن كثير من الناس في دينهم وتحولوا إلى أعداء للــ"إسلاميين"- خسارة دنيوية وأخروية.

16. أعداؤنا يرصدون المقاطع والتصريحات التي يتناقلها بعضنا، ويجمعونها. ومهمتهم ستكون أسهل بكثير من مهمتهم في مصر. في مصر كانوا يرصدون التناقضات، وهنا يرصدون قطع الرؤوس والتعذيب والإعدامات الجماعية بدم بارد! والتي يتساهل بعضنا في نسبتها إلى الجماعة التي يراها على ضلال.

17. عندما تنشر القنوات الإعلامية برنامجا وثائقيا عما "فعله الجهاديون في سوريا"، و"بشهادة بعضهم على بعض" فإن "تخبيصاتنا" لن تكون مضحكة كما كانت في مصر، بل مقززة مروعة!

18. من حقنا القول بأن غياب التحكيم المستقل ووجود إشكالات منهجية وسلوكية لدى أية جهة يشكل بيئة خصبة لحصول الدسائس والجرائم، مما لا يعفي الجماعات من مسؤوليتها، لكن هذا في الوقت ذاته لا يبيح التساهل في نسبة هذه الجرائم إليها.

19. فلنتذكر أن عدونا يجمع اللقطات الدرامية التي ننشرها، ليكفر بها الناس عن القناعة بالجهاد وبالثورة وبإمكانية التحرر من سلاسل عبوديته. ولنتذكر أن الإعلام حين يحرص على مقابلة بعض الرموز الإسلامية ليتحدثوا عن الخلاف بين الجماعات المقاتلة فإنه بذلك يريد توثيق "شهاداتهم" على إدانة "الجهاد والمجاهدين" في عيون الناس، لا جماعة بعينها.

20. ثبوت انتهاكات على بعض الجماعات المنتسبة للجهاد لا يبيح نسبة كل ما هو من جنس هذه الانتهاكات إليها. فهذا –بالإضافة إلى كونه ممنوعا شرعا- يوسع الهوة مع الخيرين فيها وفي أنصارها، إذ يفقدون الثقة فيمن ينتقد جماعتهم وهم يرونه يتساهل في نسبة ما يجرمها إليها، فيُحجبون عن رؤية النصف الحقيقي من الصورة.

21. لا بد من إعادة التأكيد على أمر: كلامي هنا ليس من قبيل التسوية بين أطراف الاقتتال، بل لي في ذلك مواقف معروفة لمتابعيَّ لن أذكرها هنا لئلا تضيع النقطة المرادة، ولا أن كل طرف مريد للخير ولعله أخطأه. كما أنه ليس من قبيل التهوين من شأن أية جنايات تثبت على منتسبين إلى الجهاد، بل لا بد من التبرؤ منها بقوة ووضوح والعمل على وقفها.

22. إنما كلامنا هنا تذكير للعقلاء من كل طرف:
- أن يفرقوا بين ما ثبتت نسبته من ممارسات لجماعة معينة وما لم تثبت.
- ألا نُستخدم لتقييد جرائم على "الجهاد" في عيون الناس مع أن الأصل تقييدها على مجهول أو على النظام الدولي.
- حتى وإن ثبتت هذه الجرائم على جهة منتسبة للجهاد فلا بد - قبل اتخاذ قرار بنشر مثل هذه الصور والمقاطع- أن يؤخذ بعين الاعتبار تأثيرها على نظرة الناس، خاصة وأن كثيرا منهم يراها طعنا في الجهاد لا في جماعة بعينها.

23. ختاما، لا ننسى كلمة جراهام فولر الذي عمل في المخابرات والخارجية الأمريكية 27 عاما حين قال في كتابه (مستقبل الإسلام السياسي): إنه ليس شيء يظهر الإسلاميين بأسوأ صورة أكثر من تجربة فاشلة في الحكم.
إنهم يجمعون قطع هذه الصور السيئة، فلا تكن ممن يعطيهم قطعة!
والسلام عليكم ورحمة الله.


     
 
what is notes.io
 

Notes.io is a web-based application for taking notes. You can take your notes and share with others people. If you like taking long notes, notes.io is designed for you. To date, over 8,000,000,000 notes created and continuing...

With notes.io;

  • * You can take a note from anywhere and any device with internet connection.
  • * You can share the notes in social platforms (YouTube, Facebook, Twitter, instagram etc.).
  • * You can quickly share your contents without website, blog and e-mail.
  • * You don't need to create any Account to share a note. As you wish you can use quick, easy and best shortened notes with sms, websites, e-mail, or messaging services (WhatsApp, iMessage, Telegram, Signal).
  • * Notes.io has fabulous infrastructure design for a short link and allows you to share the note as an easy and understandable link.

Fast: Notes.io is built for speed and performance. You can take a notes quickly and browse your archive.

Easy: Notes.io doesn’t require installation. Just write and share note!

Short: Notes.io’s url just 8 character. You’ll get shorten link of your note when you want to share. (Ex: notes.io/q )

Free: Notes.io works for 12 years and has been free since the day it was started.


You immediately create your first note and start sharing with the ones you wish. If you want to contact us, you can use the following communication channels;


Email: [email protected]

Twitter: http://twitter.com/notesio

Instagram: http://instagram.com/notes.io

Facebook: http://facebook.com/notesio



Regards;
Notes.io Team

     
 
Shortened Note Link
 
 
Looding Image
 
     
 
Long File
 
 

For written notes was greater than 18KB Unable to shorten.

To be smaller than 18KB, please organize your notes, or sign in.