NotesWhat is notes.io?

Notes brand slogan

Notes - notes.io

في محاولة منا لتوضيح جزء هام من تاريخ مصر الغائب والمشوه والغير مكتوب بحيادية على مدى أكثر من نصف قرن. نقدم بعض المعلومات الهامة بإيجاز، لعل الأجيال الجديدة تتعرف على تاريخ بلدهم الحقيقي:

مما لا شك فيه أن محمد علي باشا هو مؤسس مصر الحديثة، الذي حاول أن تكون مصر أكثر استقلالية عن الإمبراطورية العثمانية، ولم تشهد مصر نهضة وتطور في التاريخ الحديث مثل ما حدث في عهده وعهد أسرته حتى الملك فاروق الأول. أما الخديو إسماعيل والذي قال عام 1879 "إن بلدي لم تعد في إفريقيا. نحن الآن جزء من أوروبا."، فقد منحه السلطان العثماني لقب خديو كمكافأة عن التقدم الغير عادي الذي حدث لمصر تحت حكمه. والحقيقة أن مصر - بكل أقاليمها - كانت وظلت حتى عهد فاروق الأول أفضل من العديد من الدول الأوروبية من حيث التخطيط وجمال الشوارع والحدائق والنظافة والتطور العلمي والإنتاج المحلي. ومن الأمثلة البسيطة على ذلك أنه إلى اليوم يوجد قصر كبير - ما زال موجود إلى الآن لكن تحول إلى فندق - في مدينة بيبلز باسكتلندا باسم "طنطا كروفت"، وأيضاً مصنع طنطا لسباكة المعادن في اسكتلندا، وذلك لجمال مباني وشوارع مدينة طنطا وطبيعتها الخلابة في منتصف القرن التاسع عشر، حيث قام المهندس الاسكتلندي جيمس انجليس بإنشاء قصر ومصنع بإسمها في اسكتلندا. ناهيك عن أن الشعب المصري كان يشرب من ماء نيل "آخر" غير المعروف لنا، وهو نهر جوفي نظيف يجري في نفس مسار نهر النيل المعروف لنا على عمق كبير وبكمية تدفق أعلى ست مرات من النهر الذي فوقه والذي نشرب منه حالياً، حيث أحضرت الحكومة المصرية المهندس السويسري "م. أبِل" الذي اكتشف هذا النهر المعروف باسم "كريبتو ريفر" عام 1898 واستمر الشعب يشرب مياه صنبور نظيفة وصحية تماماً حتى منتصف القرن العشرين، وهو بالطبع ما زال موجود إلى الآن، وهو ما سوف نوضحه في مقالة لاحقة. كان معروف في الدول الأوروبية، وخاصة بريطانيا، أن "مصر تنتج، والعالم يستهلك"، وهي عبارة كانت تظهر دائماً في البرامج الإخبارية البريطانية المحلية، وهذا فيما يتعلق أكثر بالقطن المصري. كانت لدى مصر أهم وأشهر بورصة قطن في العالم وهي بورصة "مينا البصل"، وحاز مجموع المعاملات وقيمة التداول لبورصتي القاهرة والإسكندرية على المرتبة الخامسة عالمياً في فترة الأربعينات. كما أن مصر أول دولة في العالم وفي التاريخ تقوم بتشغيل محطة كبيرة في المعادي لتشغيل الطاقة الشمسية عام 1911 قبل أي بلد في العالم. ولا ننسى أنه جاءت بعثة يابانية عام 1862 لدراسة أسباب نهضة مصر وتقدمها لتستفيد منها، وأصيبوا بالدهشة وأثير إعجابهم مما شاهدوه حتى أن حكومة الإمبراطور "ميجي" نظرت إلى مصر آنذاك على أنها نموذج يحتذى به ومثال وخبرة لابد لليابان أن تدرسه وتستفيد منه.

سأتناول بعد هذه المقدمة، بتركيز وبإيجاز، أحداث سياسية لفترة غير واضحة في تاريخ مصر، وهي أنه مع اندلاع الحرب العظمى، الحرب العالمية الأولى، فرضت بريطانيا الحماية على مصر التي كانت تحت الاحتلال البريطاني منذ عام ١٨٨٢ وفي نفس الوقت كانت جزء من الإمبراطورية العثمانية يحكمها خديو، وهو "الخديو عباس حلمي الثاني" وقتها باسم السلطان العثماني مع قدر من الإستقلالية والخصوصية لم تتوافر لأي دولة أخرى خاضعة للباب العالي، وبناءً على هذا انقطعت صلة مصر بتركيا وأصبح لقب حاكم مصر هو "سلطان" (السلطان حسين كامل)، حتى تتساوى الرؤوس مع السلطان العثماني ولو شكليا.

بعد انتهاء الحرب، طالب زعماء مصر، (سعد باشا زغلول وزملاؤه) بإنهاء الإحتلال ورحيل جيش بريطانيا عن مصر، الأمر الذي لم يتم إلا بعد ثورة ١٩١٩ التى أدت إلى إعلان مصر مملكة مستقلة عام ١٩٢٢، وتغير لقب حاكم مصر من "سلطان" (السلطان فؤاد) إلى "ملك" (الملك فؤاد الأول) لتتساوى الرؤوس مرة أخري مع حاكم إنجلترا ولو شكليا.

تبع هذا مباحثات مضنية ومعقدة استمرت حتى عام ١٩٣٦ لتوقع معاهدة الاستقلال التي تحدد تفاصيل خطوات الجلاء وهى خروج القوات البريطانية من القاهرة خلال ١٠ سنوات (تم ذلك في ١٩٤٦)، وبعدها بعام من باقي المدن (تم ذلك في ١٩٤٧)، وتبقى القوات في منطقة قناة السويس حتى انتهاء امتياز الشركة العالمية، والتي كانت بريطانيا تمتلك معظم أسهمها، لتحميها من أي اعتداء خارجي أو يوم تثبت قدرة الجيش المصرى على الحماية هذه فتخرج قوات بريطانيا مع السماح لها بالعودة عند الحاجة أيهما أقرب.

أعاد عبد الناصر الشرعية لبريطانيا بمقتضى معاهدة ١٩٥٤ التي ضمت معظم بنود معاهدة ١٩٣٦ الملغاة، ومنها بند قيام الجيش المصرى على حماية القناة لتخرج قوات بريطانيا مع السماح لها بالعودة عند الحاجة، وتم الجلاء في ١٨ يونيو ١٩٥٦، ليؤمم عبد الناصر القناة بعدها بخمسة أسابيع، وهو نفس البند الذي استندت له بريطانيا لتكتسب شرعية التدخل العسكري بدخول إسرائيل سيناء، ولم تخرج القوات البريطانية من خط القناة هذه المرة إلا بعد الإنذار الأمريكي والسوڤييتي ودفع ثمن أسهم القناة للمساهمين مع التعويضات.

وهذا يفند مزاعم أن عبد الناصر أخرج الإنجليز من مصر أو أنه أمم قناة السويس أو أنه انتصر في حرب السويس.

أعود إلى نقطة قد يجادل فيها البعض وهي أن بريطانيا لم تكن بنيتها أن تخرج نهائياً بالرغم من معاهدة 1936، أقول أن بريطانيا في ذلك الوقت كانت تحتل حوالي 90% من العالم في هذا الوقت، وخرجت من دول احتلتها بمعاهدات منظمة ومرتبة مثل معاهدة 1936 بدون أي مشاكل، فهي بلا شك كانت ستخرج وفق المواعيد المحددة في المعاهدة. أقول أيضاً أنه بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، وظهور نظام عالمي جديد، وفي أواخر الأربعينات وبداية الخمسينات، كانت هناك محاولات لنشر الفوضى في مصر وإنهاء الملكية من قبل أمريكا، وبريطانيا، والجار الجديد، إسرائيل. مما شجع ذلك، هو موقف الملك فاروق الرافض لقيام دولة إسرائيل على حدود القطر المصري، ورفض الملك فاروق تقسيم مصر والسودان إلى دولتين بناءً على اقتراح بريطاني، بالإضافة إلى أنه لم يكن موالياً لبريطانيا بالشكل الذي يرغبونه. بدأت خطة خلق جو من الصدمة بحريق القاهرة، ثم إنشاء حركة لعناصر أطلقت على نفسها "الضباط الأحرار"، والتي كان تكوينها - بلا شك - ضمن الخطة، ولم يكن هدف "البعض" منهم نبيل كما تم الترويج له بعد ذلك. إستغلوا فرصة وجود الملك في مدينة الأسكندرية، بعيداً قليلاً عن الحرس والجيش، وأثناء دخول بعض أفراد هذه الحركة إلى قصر الملك فاروق، كان عبد الناصر واقفاً على كوبري قصر النيل ليبعد عنه الشبهات أنه كان ضمن هذه الحركة إذا ما تم القبض عليهم أو حكم عليهم بالإعدام، حيث أنه كانت نسبة نجاح العملية نادرة، إلا أنهم لم يصدقوا أنفسهم عندما وافق الملك فاروق على طلبهم، فكان شيء يفوق الحلم بالنسبة لهم. إنه الملك فاروق الذي قال "إن نقطة دم مصريه أثمن عندي من كل عروش الدنيا، والرحيل فوراً أهون على قلبي من سفك دماء مصريين حفاظا على منصبي"، ذلك على الرغم من وجود القوات البحرية والحرس الخاص، واستعدادهم للقبض فوراً على هذه العناصر. والكلمة الأخيرة التي قالها الملك لمحمد نجيب وهي أن مهمته صعبة جداً، فليس من السهل حكم مصر، وأيضاً توصيته بالحفاظ على الجيش المصري الذي بناه جده الكبير محمد على باشا. إنهم حتى لم يتركوا الملك في حاله، بل قاموا بتسميمه وهو في منفاه، وتشويه العهد الملكي والشائعات التي تم إطلاقها على آخر من حكم مصر "باستقلالية" رغم وجود الإنجليز، وآخر من خدم مصر بحب، وحافظ على مكانتها بعد أسلافه كأحد أهم دول العالم دون أدنى مبالغة. ويمكن الاستشهاد بأحد أفراد هذه الحركة التي سمت نفسها "بعد فترة طويلة" بـ"ثورة"، وهو محمد نجيب، الذي أبدى أشد ندمه على ما حدث من "ضياع مصر بالكامل" وبشكل تدريجي لا يشعر به الناس على يد مجموعة من "المتآمرين الاستغلاليين" على حد قوله، الذين لا يصلحون حتى لتولي مناصب في الجيش، ناهيك عن مناصب إدارية وهامة في بلد بحجم مصر، والذين لم يجيدوا سوى التمثيل على الشعب والمساهمة في تزوير التاريخ.

في فترة الخمسينات والستينات، كان الراديو هو أكثر وسيلة يتلقى الناس من خلاله الأخبار والمعلومات، وكانت آلة الدعايا السياسية وغسل عقول الشعب كانت على أشدها، حتى أنه عندما ثار بعض الناس على عدم انصلاح الأحوال، تم إعدام اثنين من كفر الدوار وهما "خميس والبقري"، وبعد هذه الواقعة، فضل الناس الصمت، وهو الهدف المطلوب، واستمرت آلة الدعايا في كتابة تاريخ آخر غير التاريخ الذي حدث.

إن تشويه العهد الملكي وعهد أسرة محمد علي باشا، العصر الذهبي، وأوج مجد مصر في التاريخ الحديث، وما حدث عام 1952 هو أكبر عملية خطف لدولة في التاريخ الحديث، ليست فقط خطف ثروات أو قيمة البلد أو حدودها التي تقسمت أو وفي حروب وشعارات وهمية متفق عليها سلفاً، بل أيضاً العقول، وتدمير الشخصية المصرية بشكل تدريجي غير ملحوظ، وهي الشخصية التي لم تتغير الأنثروبولوجيا الخاصة بها منذ مئات السنين سوى تغير طفيف. إنها خطة ليست عشوائية، بل منظمة، وغير مصرية تماماً. ومهما كان المستفيد من ذلك، فلا ننكر أنه تم اللعب في الجينات المواطن المصري من خلال هرمونات غريبة يتم وضعها في الطعام والمياه، وزرع الجهل بشكل متعمد ونشر الفقر. هل يعلم أحد من الأجيال الجديدة أن نسبة البطالة في عهد الملك فاروق كانت أقل من 2%؟ وأن الحفاء - الذين كان يستخدمونه كحجة سخيفة لإثبات وجود فقر وأوضاع متردية على نطاق كبير في العهد الملكي - هو إحدى الافتراءات حيث لم يكن بسبب الفقر، لكنها كانت ثقافة آنذاك، ففكرة ارتداء حذاء أو خف كانت جديدة وغريبة وغير مريحة لدى الطبقة الشعبية، مثل السايس وغيره. هذا إلى جانب غسل الشوارع بالمياه والصابون ورشها بماء الورد يومياً ثلاث مرات، وأنه كانت هناك محاولات حكومية لإجبار الناس على تغيير هذه الثقافة وليس لمساعدتهم كفقراء. هل يعلم أحد من الجيل الجديد أنه عندما كان يأتي طبيب إنجليزي إلى مستشفى قصر العيني، لم يكن يُسمح له بمزاولة المهنة إلا بالحصول على شهادة (معادلة) مصرية؟ وذلك لأن الطبيب المصري كان أعلى منزلة من الإنجليزي؟ هل يعرف أحد من الجيل الجديد أن مصر أقرضت بريطانيا الملايين في الحرب العالمية الأولى، وهو قرض لا يسقط بالتقادم؟ هل يعلم أحد أنه عندما كان يتم تجميل شوارع باريس ولندن، يقولون أنها أصبحت مثل القاهرة في نظافتها وجمالها وتخطيطها؟ هل يعرف أحد من أجيالنا الجديدة أن أوغندا طلبت من الملك فاروق أن تكون جزءاً من حدود مصر تحت التاج الملكي المصري عام 1950، وكيف كانت قيمة الجنية المصري عالمياً أو ماذا كانت حدود مصر الحقيقية والتاريخية حتى عهد الملك فاروق الأول؟

بالنسبة إلى تدمير مجال الزراعة والطعام، لا يعرف الكثيرون أن هناك قرارات بعدم تحريك طمي النيل المحجوز خلف جسم السد العالي، لتحمله مياه النيل إلى الأراضي الزراعية. الطمي الذي هو خير سماد طبيعي للأراضي الزراعية، ويجعل الطعام طبيعي له رائحة وفائدة وطعم. كما أنه تم أيضاً تخطيط السد العالي بطريقة تضر مجال الزراعة والطبيعة الجغرافية لأرض مصر، وتساهم في تدميره على المدى البعيد وهو ما حدث. أؤكد أن هذا المشروع كان مخطط له في عهد الملك فاروق، ولكن بطريقة علمية سليمة كانت لن تؤثر على الأرض الزراعية أو الطبيعة الجغرافية أو وجود طمي النيل.

بكل وضوح، بعد الحرب العالمية الثانية، وجدت بريطانيا وأمريكا الحل في تدمير شعب بأكمله دون دماء أو بارود كما يقولون، وذلك عن طريق مغادرتهم بسلام على أن يتركوا من ينوب عنهم ويجعلوا الشعب يلتف حولهم معتقدين أنهم المخلصون، ولا مانع من نشوب حروب وهمية متفق عليها سلفاً، لتدمير كيان وسمعة وروح الجيش والشعب معنوياً، وتقسيم واحتلال أجزاء من أرض الوطن، مع وجود انتصارات زائفة حتى لا تثار الشكوك أو التمرد من جانب الشعب. والسبب كما ذكرت هو وضع مصر الاقتصادي في ذلك الوقت والاستراتيجي لكونها إلى جانب الجار الجديد، بالإضافة إلى مواقف الملك فاروق الذي كان محبوباً من الشعب بدرجة قد تفوق أي من أسلافه في عهد أسرة محمد علي باشا، وهي المواقف الرافضة للتنازل عن أي جزء من أرض مصر أو وجود دولة غير مرغوب فيها على حدودنا في نظام عالمي جديد يثير الشكوك، هذا بالطبع إلى عدم ميل الملك إلى الإنجليز في هذا الوقت.

أقول في النهاية - وللحديث بقية - أنه إذا لم يعرف الجيل الجديد تاريخ مصر الحقيقي المجيد بحيادية، فإنه لن يجد أعمالاً كبيرة يتفاخر ويتمجد به، وسينساق وراء الألفاظ الكبيرة التي تُخترع ليتلهى بها.
     
 
what is notes.io
 

Notes.io is a web-based application for taking notes. You can take your notes and share with others people. If you like taking long notes, notes.io is designed for you. To date, over 8,000,000,000 notes created and continuing...

With notes.io;

  • * You can take a note from anywhere and any device with internet connection.
  • * You can share the notes in social platforms (YouTube, Facebook, Twitter, instagram etc.).
  • * You can quickly share your contents without website, blog and e-mail.
  • * You don't need to create any Account to share a note. As you wish you can use quick, easy and best shortened notes with sms, websites, e-mail, or messaging services (WhatsApp, iMessage, Telegram, Signal).
  • * Notes.io has fabulous infrastructure design for a short link and allows you to share the note as an easy and understandable link.

Fast: Notes.io is built for speed and performance. You can take a notes quickly and browse your archive.

Easy: Notes.io doesn’t require installation. Just write and share note!

Short: Notes.io’s url just 8 character. You’ll get shorten link of your note when you want to share. (Ex: notes.io/q )

Free: Notes.io works for 12 years and has been free since the day it was started.


You immediately create your first note and start sharing with the ones you wish. If you want to contact us, you can use the following communication channels;


Email: [email protected]

Twitter: http://twitter.com/notesio

Instagram: http://instagram.com/notes.io

Facebook: http://facebook.com/notesio



Regards;
Notes.io Team

     
 
Shortened Note Link
 
 
Looding Image
 
     
 
Long File
 
 

For written notes was greater than 18KB Unable to shorten.

To be smaller than 18KB, please organize your notes, or sign in.