NotesWhat is notes.io?

Notes brand slogan

Notes - notes.io

بسم الله الرحمن الرحيم ..
من لما تابعت وفاء على تويتر لاحظت كثير يسألونها عن الطب والقبول فيه، وبحكم إني طالبة طب ولي تجربة كبيرة معه والقبول فيه، قررت أشارككم تجربتي وخبرتي ..
بدأ الأمر عندما كنت في ثاني ثانوي. كنت مصابة باكتئاب حاد. ولا تخفى على أحد أعراض الاكتئاب، فهي أولًا وقبل كل شيء كراهية شديدة للذات وللعالم وللناس ولكل شيء ويأس وإحباط. كانت الحياة عديمة الفائدة في نظري. كنت أستيقظ كل صباح وأقول في نفسي "أوه .. لازم أتحمل هاليوم بعد" وكان هدفي الوحيد خلال اليوم كله هو تلك اللحظة التي سأصل فيها إلى سريري. كنت في كل يوم أعيشه أتمنى الموت ولولا ذرة الخوف من الله الباقية في قلبي لقتلت نفسي حينها. لا أريد أن أخوض في الأمر كثيرًا، فالخلاصة أن الاكتئاب أثّر على حياتي كثيرًا، وكطالبة ثانوية لم يكن هنالك ما يمكن أن أخسره أكثر من دراستي وصديقاتي. صديقاتي "سحبوا علي" باكرًا جدًا، ثم تدهور معدلي الدراسي كثيرًا، فلم أكن أحضر للمدرسة سوى ثلاثة أيام في الأسبوع، كنت أجرّ أقدامي جرًّا إليها وكان دافعي الوحيد للذهاب هو التخلص من ثرثرة أمي و "هواشها" اللا منقطع. على أية حال، أتممت تلك السنة بمعدل 80%. في الحقيقة، لولا الله ثم ذكائي (الذي أغتر به كثيرًا) لكنت قد رسبت في العديد من المواد تلك السنة.
في العطلة الصيفية، ما زال الاكتئاب يغلفني بهالاته الداكنة. وكنت ما زلت أحتفظ ببقايا حلم طفولي في أن أصبح "طبيبة". وعندما كانوا إخوتي يسألون "وش بتتخصصين ؟" " تتوقعين معدلك ذا بيدخلك شيء ؟" "على ذا المعدل بتجلسين بالبيت". كنت أقول لهم بكل هدوء "أبدرس طب" ثم ينفجرون مقهقهين "ايه .. بتدرسين طب حشرات أنتِ".
في الحقيقة، لا أذكر أبدًا متى عقدت العزم على تحقيق ذلك. لا أذكر تلك النقطة التي كما في الأفلام يصك البطل أسنانه ويتمتم بعزيمة الجبال "سترون ..!". لم يحدث معي هذا أبدًا. ولست ممن يمتلك عزيمة كتلك. الأمر حدث من تلقاء نفسه كما تشرق الشمس فيأتي النهار.
عند اقتراب بداية العام، الثالث الثانوي بالنسبة لي، قررت أن أنتقل من مدرستي الأولى. وهي لا تزال ذكرى سيئة بكل ما فيها من طالبات ومعلمات وطاولات وكراسي وكتب. شددت عزمي بطريقة ما، واجتهدت كثيرًا. كما أنني تدربت كثيرًا على اختبار القدرات. ودرست الكثير الكثير من أسئلة السنوات الخالية. ولحمق مني وتكاسل لم أبذل الكثير من الجهد من أجل اختبار التحصيل. في نهاية العام تخرجت من الثانوية بمعدل 95% للصف الثالث الثانوي، ولكن بمعدل تراكمي 87%، وذلك بسبب محصلتي المخزية في الصف الثاني. كما أنني تحصلت باختبار القدرات على 90 بعد المحاولة الثانية. وفي التحصيل مع الأسف كانت نتيجتي 76 . ( إنني أدرج الأرقام هنا من أجل طلاب الثانوية فهي وكما أحسب تهمهم ).
وككل خريجات الثانوية، قدمت على البوابة الإلكترونية. ورتبت رغباتي بكل بجاحة وغرور (سعود الصحية (طب) – سعود (مسار صحي) – نورة ) .. بعد انتظار وترقب وتقلب بين الأمل واليأس ودموع آناء الليل وأطراف النهار، ظهرت النتيجة وهي قبولي بجامعة نورة. حمدت الله على كل حال.
درست في نورة السنة التحضيرية وحاولت أن أجتهد. ولكني لم أفعل ! لست عديمة المسؤولية لألقي باللوم على تغير الجو الدراسي أو ما إلى ذلك، فلم يكن هنالك من سبب سوى تكاسلي تقريبًا. فقد كنت أكره الماث (وما زلت) كثيرًا. فلم أكن أعطيه صبرًا وجلَدًا . أنهيت التحضيرية بمعدل 4.3 وبالمستوى الرابع في اللغة الإنجليزية. وعند التقديم على رغبات التخصص وبكل وقاحة مجددًا حددت الرغبة الأولى "الطب والجراحة" . لو كنت أمام نفسي في ذلك الوقت لصفعتها ! كيف تجرؤين على تحديد الطب وحصيلتك معدل ومستوى إنجليزي كهذين ؟ ربما كان هدفي من وضعها هو سخريتي من نفسي وحسب ! لا أدري حقيقةً ! فأنت عندما ترغب بشيء ما يجب أن تكون أهلًا له !
حسنًا، ظهرت نتيجة التخصص بعد انتظار وقت طويل جدًا جدًا. وكانت صادمة جدًا بالنسبة لي. لا يمكنني وصف تلك الصدمة مهما حاولت ! رغم أني بنفسي من حددت تلك الرغبات. قضيت أسبوعًا كاملًا أبكيه ليل نهار. فقد كانت الكلمة المكتوبة بخط كبير وعريض في موقع الجامعة "التمريض" ! تمريض ؟ أنا ؟ فلبين ؟ تمريض ؟! هل عيناي بخير ؟ هل أرى جيدًا ؟ وتصورت لي صورة ممرضة فلبينة تنظف المرضى .. أنا ؟!!
نعم، أنا قبلت بالتمريض . استغرقني الأمر وقت طويلًا لاستيعابه. فقد كنت بعقلية معظم السعوديين، التمريض عار، التمريض لمن لا يجد عملا له، الممرضات كالخادمات، الممرضات مذلات مهانات من الأطباء. سأتجنب ذكر تعليقات عائلتي حول الأمر، فلقد كانت جارحة بشكل قاسي. شعرت بأنني أمام معضلة حقيقية، وورطة لم يخطر في بالي يومًا أنني سأقع فيها. فكرت في كل الحلول الممكنة . التحويل لجامعة الملك سعود ؟ ذهبت إليهم وبعد أن تجادعنني الموظفات، كل واحدة تقول "اذهبي للأخرى"، ثم عطفت علي إحداهن وقررت الكلام وقالت أنه بإمكاني التحويل ولكن يجب أن أدرس السنة التحضيرية مجددًا وبما أن نسبتي بالثانوية منخفضة فلا أمل في أن أقبل في المسار الصحي ! ثم فكرت في جامعة القصيم ، وذهبت إليهم فأغلقوا الباب في وجهي بلطف قائلين أن معدلي لا يسمح بدخول الطب ! ولولا أني أظن أنهم تعودوا على الحمقى من أمثالي لكانوا سخروا مني وأضحكوا العالم علي .

في نهاية المطاف، قررت أن أكمل الدراسة في نورة، قلت لأهلي "أبدرس ترم تمريض بعدين أحوّل" وبعد أن سألت عن التحويل قالوا أن التحويل للطب "سنوي" أي أنه لا يمكنك التحويل إلا بعد أن تنقضي سنة كاملة. بدأنا الدراسة وشددت من عزم نفسي قائلةً لها " هذه فرصتك الأخيرة " . لا أنسى أن أذكر هنا، أنه بعد أن بدأنا الدراسة تغيرت نظرتي تمامًا عن التمريض. التمريض ليس كما يزعم أولئك الحمقى ! التمريض مهنة ملائكية وجدت من عهد الرسول، كالصحابية "رفيدة" على السبيل المثال، كانت تجمع بعض الصحابيات وقت المعارك وتعلمهن وتدربهن في "خيمة" ليداوين الجرحى ويسعفنهم. وكما قرأت في بعض الكتب أن النبي – صلى الله عليه وسلم- أسهم لها بسهم رجلٍ مقاتل تقديرًا لها ولجهودها. فمن يقنع هؤلاء الحمقى بأهمية التمريض وعظمته وسموّ غايته ؟ ربما لن يقنعون ولن يفهمون حتى يصيبهم الله بمرض ما وتداويهم إحدى الممرضات، حينها قد يفهمون !
في أثناء دراستي للتمريض، عرفت المجال الصحي أكثر، وأحببته أكثر. وعلى وجه الخصوص وقعت في غرام علم التشريح، لقد أصبحت مهووسة فيه شغوفة بتعلمه، وزادت همتي وحماستي لدراسة الطب أكثر، وشعرت به مستقرًا في أعماق نفسي، ساكنًا على هيئة جرّاح. أنهت الفصل الأول بمعدل 4.8 ولكن المصيبة كانت في الفصل الثاني، حين واجهت مادة التفاضل والتكامل. لقد أخبرتكم مسبقًا كم أكره الرياضيات ! ولم يكن بوسعي حذفها فهي مادة أساسية ويجب اجتيازها لأدرس الطب ! قررت المحاولة وأن أبذل جهدي، ولكن الجهد الذي تتطلبه مني تلك المادة كان مضاعفًا لضعفي الشديد فيها ! ثم إني تكاسلت وتراخيت وأصابني يأس وإحباط. وأقنعني كسلي بأني "أحببت التمريض" وقلت في نفسي لا بأس، سأقضي بقية عمري ممرضة. وبدأت شعلة الطب تخبو في داخلي وينطفئ نورها شيئًا فشيئًا حتى لم أكد أدرك وجودها وظننتها غادرتني للأبد . انتهت السنة بمعدل 4.46 . وكانت شروط التحويل لكلية الطب أن يكون المعدل 4.5 فما فوق. ولقد نسيت أن أذكر أهمية اللغة الإنجليزية في القبول للطب، إن اللغة الإنجليزية أساسية كالمعدل تمامًا، وبما أن مستواي كان الرابع من ست في التحضيري، فاضطررت لتقوية لغتي الإنجليزية أكثر واجتهدت فيها ودرست "وحدي" لم أدخل أية معاهد. فقد اعتمدت كليًا على الانترنت والقراءة خصوصًا وأخيرًا دخلت اختبار الآيلتس (IELTS) وبحمد الله حصلت على درجة جيدة جدًا 5.5 . والمطلوب في كلية الطب بجامعة الأميرة نورة 5 فأعلى.
قدمت طلب التحويل مع شهادة الآيلتس. ولكن للأسف بعد أن ظهرت النتيجة قبلت بالصيدلة ولم أقبل بالطب ! راودتني نفسي على الرضى والقبول بما قسمه الله لي، ولكني في أحد الأيام وبينما كنت أتصفح الانترنت وقعت في يدي مقالة طبية أشعلت النار في صدري، فأيقنت بأني لن أقبل لنفسي غير "الطب" سبيلًا . فقررت حينها الذهاب لجامعة أهلية، احترت بين "الفيصل" و "كليات المعرفة"، لكني اخترت المعرفة أخيرًا، واستخرت الله وتوكلت عليه. وعندما ذهبت إليهم أخبروني أن المقاعد لكلية الطب قد "اكتملت" وبأنه لم يعد هنالك مجال للقبول، ولكن بإمكاني التسجيل بأي تخصص آخر ومن ثم التحويل بعد نهاية الترم ! فتركتها وذهبت للصلاة واستخرت الله، ثم عدت إليها وأخبرتها بأن تسجلني في كلية الرعاية التنفسية، درست في كلية الرعاية فصل دراسي واحد، ولم أضف في جدولي سوى مواد عامة لكي لا أثقل على كاهلي، وأخيرًا بعد أن أتممت ذلك الفصل، وبعد ذلك المشوار الطويل الحافل بالحماقات والقرارات الخاطئة، بعد أن تعلمت دروسًا لم أكن لأتعلمها في الكتب. أقول بعد كل هذا المشوار ها أنا ذا أدرس في تخصص "الطب والجراحة" الآن ! وأسأل الله أن أكون أهلًا لهذه المهمة .
ندمت على الكثير من قراراتي ولكن لم ولن أندم أبدًا على دخولي للطب، ربما لو عاد بي الزمن لاتخذت قراراتٍ أفضل، ولهذا السبب كتبت هذه القصة أو سموها ما تحبون، لمن شاء منكم أن يستقيم.
     
 
what is notes.io
 

Notes.io is a web-based application for taking notes. You can take your notes and share with others people. If you like taking long notes, notes.io is designed for you. To date, over 8,000,000,000 notes created and continuing...

With notes.io;

  • * You can take a note from anywhere and any device with internet connection.
  • * You can share the notes in social platforms (YouTube, Facebook, Twitter, instagram etc.).
  • * You can quickly share your contents without website, blog and e-mail.
  • * You don't need to create any Account to share a note. As you wish you can use quick, easy and best shortened notes with sms, websites, e-mail, or messaging services (WhatsApp, iMessage, Telegram, Signal).
  • * Notes.io has fabulous infrastructure design for a short link and allows you to share the note as an easy and understandable link.

Fast: Notes.io is built for speed and performance. You can take a notes quickly and browse your archive.

Easy: Notes.io doesn’t require installation. Just write and share note!

Short: Notes.io’s url just 8 character. You’ll get shorten link of your note when you want to share. (Ex: notes.io/q )

Free: Notes.io works for 12 years and has been free since the day it was started.


You immediately create your first note and start sharing with the ones you wish. If you want to contact us, you can use the following communication channels;


Email: [email protected]

Twitter: http://twitter.com/notesio

Instagram: http://instagram.com/notes.io

Facebook: http://facebook.com/notesio



Regards;
Notes.io Team

     
 
Shortened Note Link
 
 
Looding Image
 
     
 
Long File
 
 

For written notes was greater than 18KB Unable to shorten.

To be smaller than 18KB, please organize your notes, or sign in.