Notes

الزارع الذي لا ينام وكلمة تشجيع
في المثل الأول (مثل الزارع) رأينا الزارع وقد خرج ليزرع. هنا في هذا المثل نجد أن الزارع قد زرع زرعاً كله جيد. ولكن بينما الناس نيام, لم يقل الكتاب "عندما نام الزارع" وهذا لأن الزارع الأعظم لا ينام أبداً. في وسط هذا العالم الشرير الفاسد الذي نعيش فيه لا يوجد فيه ما يُدخل السلام إلى قلب الإنسان إلا معرفته وثقته أن خالقه لا ينام.
إننا لسنا متروكين في هذا العالم لشر الأشرار ولا لمؤامراتهم ولكن هناك خالق لا ينام ولا ينعس, حافظ كل الأشياء بكلمة قدرته وحافظ شعبه.
زرعان ومسؤولية الإنسان
حقيقة مرعبة تطل علينا في هذا المثل وهي أن هناك حصاد قادم. الرب عندما أعطانا حرية الإرادة كان صادقاً في ذلك وهو يحترم إرادتنا ولكن هناك مسؤولية وهناك نتيجة علي أن أصل لها كنتيجة لقراراتي. في مرقس 10 نقرأ عن الشاب الغني الذي سأل يسوع "كيف أرث الحياة الأبدية؟" وبعد ذلك يقول الكتاب أنه "مضى حزيناً لأنه كان ذا أموال كثيرة". لا نقرأ أن يسوع ركض وراءه ليرجعه مع أن الرب قد "نظر إليه وأحبه" إلا أنه تركه يأخذ قراره.
تشابهات واختلافات
تكلمنا سابقاً أنه لفهم أي مثل علينا فهم النقطة المحورية وهدف المثل. قد يتكون المثل من عناصر متعددة ولكن غالباً هناك هدف واحد من وراء المثل.
محور هذا المثل هو الشابه والتخالف بين القمح والزوان, بين الزرع الجيد والزرع الردئ, بين أبناء الملكوت وأبناء الشرير.
سنلقي نظرة على وجه شبه ووجهي خلاف:
الشكل: من حيث الشكل يتشابه القمح والزوان بشكل يصعب الفصل بينهما حتى من قبل المزارع المتمرس وربما هذا هو سبب خوف الزارع على قمحه عندما سُئل إن كان يريد أن يُجمع الزوان. فالتشابه الكبير في الشكل يشكل خطر على القمح. هكذا أبناء الشرير وإن كانوا في صورتهم الخارجية (أحياناً) يشابهون أبناء النور إلا أن الفرق واضح من الثمار.
الجذر: ينتهي التشابه بين القمح والزوان عند الشكل الخارجي أما الجذور مختلفة تماماً. فبينما جذور القمح سطحية وعمليه اقتلاعها سهلة نجد أن جذور الزوان عميقة في التربة ومتشابكة مع جذور النباتات التي حولها. صورة لأبناء الملكوت الحقيقين الذي يعرفون أن وطنهم سماوي وجنسيتهم سماوية بعكس أبناء الشرير الذين يضعون كل ثقتهم وأحلامهم في الأرضيات.
الرأس: هنا أيضاً وجه خلاف كبير; من المثل نجد أن الفرق أصبح واضحاً عند وقت الإثمار. مما يعني أن الزوان كان ينمو جنباً إلى جنب مع الحنطة دون أن ينتبه أحد إلا أن أتى وقت الإثمار "فَلَمَّا طَلَعَ النَّبَاتُ وَصَنَعَ ثَمَرًا، حِينَئِذٍ ظَهَرَ الزَّوَانُ أَيْضًاً" في النسخة الإنكليزية "When the wheat sprouted and formed heads, then the weeds also appeared." لم يظهر الفرق إلا عند وقت الإثمار فينما الحنطة الجيدة تنحني من ثقل الحبوب نجد أن الزوان يرتفع أكثر وأكثر إذا لا حبوب ولا ثمار تحني رأسه. هكذا أبناء الملكوت كلما زاد الثمر المتكاثر في حياتهم يتواضعون أمام سيدهم عالمين أن كل شيء منه ولنا في بولس مثالاً فكلما استخدمه الرب أكثر كلما زاد تواضعه حيث نقرأ من كتاباته أنه أصغر الرسل (1 كورنثوس) ثم نجده يصف نفسه ثم أول الخطاة (1 تيموثاوس).
السؤال المخيف
السيناريو المخيف الذي نتخيله من هذا المثل هو أن يأتي وقت الحصاد ونجد أن هناك زروع من الزوان كانت تظن نفسها حنطة فإذ بها تُجمع لتلقى بالنار بدل أن تُجمع إلى مخزن السيد. أشخاص مخدوعين ظنّوا أنهم حنطة ولكن عند وقت الحصاد وأمام من كل شيء عريان ومكشوف أمامه وجدوا أنفسهم زوان.
دعوة لنا اليوم لنتأمل فقط في جذورنا وفي رؤوسنا.
هل جذورنا ضاربة عميقاً في الأرض؟ هل قلبي متعلق بهذا العالم وبما يقدمه أم أنني أعيش هنا عالماً أن لي وطناً سماوياً؟
هل رؤوسنا تعرف أن تنحني لطلب العون والمعونة والسماح أمام السيد؟ أم أن لسان حالي "اللهم أشكرك أني لستُ مثل باقي الناس"
إن من صفات أبناء الملكوت أن لهم رؤوساً تعرف أن تنحني أمام السيد لأني مدرك في قرارة نفسي فشلي وضعفي وأدرك كم أنا بحاجة إلى قوة روحه ترفعني وتسندني.