Notes

في زمن ليس بالبعيد .شهدت الأرض و السماء قمرا فضيا تنير خطواته التراب إنها فتاة بل لؤلؤة انقرض أمثالها في هذا الزمان فهي منذ

ميلادها وهي مضيئة بتاج العفة وشخصيتها تذيب ثلج القطب
كانت رغم صغر سنها وبراءتها عاقلة متدينة لأقصى درجة ومجتهدة ومثقفة ترسم البسمة في وجه أسرتها وكل من يعرفها كانت قدوة

لكل الفتيات كيف لا والمعاصي لا تعرف لها طريق فهي من ظلت تزرع الخير في أراضي الناس .كانت بارة بوالديها و اسمها كان

منقوشا في قلبيهما كانت هي المفضلة ورمز الثقة كانت وكانت إلى أن جاء ذاك اليوم المتعوس الذي بكمت فيه العصافير وصارت تغرد

بنغمات الدموع اليوم الذي تحول فيه الربيع خريف والحدائق الخضراء صحاري قاحلة .يوم غممت السماء بغمام اسود نهضت هي

كالعادة في الصباح وهيئت نفسها بحجابها العطر ثم راحت للمدرسة وعند رجوعها وفي الطريق وبينما هي حانية رأسها كما اعتادت

سمعت صوتا خشنا رجاليا ينشد لها كلمات تذيب القلب وتهز الكيان قال فيها أجمل قصائد العشق والغرام وبعد انتهائه من قصائده قال

انه يعشقها منذ زمان ويود الزواج بها الآن. ولكن كل هذه الكلمات لم تجعلها تتوقف من سيرها أو حتى تصدقه فهي تعلم أن هذه أغنية

يحفظها كل الشباب ليذيبوا بها النساء ويوقعهن في الشباك لهذا واصلت سيرها مسرعة بدون أن تفوه بأي كلمة وعند وصولها للبيت

رمت ورائها كل تلك الأحداث وواصلت يومها وفي اليوم الثاني تفاجات بنفس الأحداث تتكرر ولكن هذه المرة زلزل قلبها بكلماته مع أن

عقلها لم يصدقه وظلت تتكرر هذه الأحداث يوما بعد يوم فبدا طيفه يعشش بفكرها واسمه يحفر بقلبها ومع ذلك قاومت نفسها ولم ينغم

بصوتها أبدا إلى أن رن هاتفها وإذا به هو ينشد كالعادة كلماته الكاذبة فبدأت المسكينة تصدقه وما جعلها تتأكد من انه يود الزواج بها حقا

هي تلك الرسالة التي وضعها في باب بيتها التي يقول فيها انه متأسف جدا ونادم لتصرفاته وانه يحبها حقا ويود الزواج بها.لقد تمكن من

إيقاعها ببراعة فهو محترف كغيره فقد جعلها تلتقي به وتكلمه وتتعلق بحبه أكثر وأكثر والصاعقة الكبرى التي كسرتها هو استيقاظها

ذات يوم على فقدان اعز ما تملك انه الشرف الذي هو تاج كل فتاة في تلك اللحظة فاضت عينيها الصغيرتين بشلالات الدموع التي

ايقضتها من وهمها ولكن بعد فوات الأوان وبدأت تندب وجهها وتنوح إلى أن هداها هو بتأكيده انه لن يتركها وسيتزوجها حتما وما كان

على المسكينة إلا أن تصدقه وبعد هذا اليوم لم تسمع عنه أي خبر ومرت عليها سنة أحر من الجمر وهي غارقة في بحر دموعها الحزينة

تصارع الآهات والآلام بانكسار كعجوز هشش الزمان عضامها وعجزت عن القيام مع رغبتها الشديدة في مفارقة الفراش والتمتع

بالحياة .وظلت سجينة الآلام إلى أن رن هاتفها فهرولت نحوه بأقصى سرعة ودموع الفرح تتقاطر من عينيها فردت فإذا به هو يود لقائها

فراحت مسرعة كامرأة فاقدة لأطفالها .والتقته وإذا بها تتفاجا بكلمات طاعنة منه لم يكتفي بنزعه منها شرفها وأرادها أن تصير عاهرة

تتنقل من رجل لرجل ويفوز من خلالها بالنقود وهددها أن لم توافق بان يعطي شريطا لأهلها سجل فيه كل شيء من البداية إلى

النهاية .لقد وقعت أعين المسكينة من قوة الصدمة ولم تشعر حتى رفعت يدها وحملتها بهمومها وآلامها كلها الى سابع السماوات وصفعته

صفعة كالبرق نسي بها من يكون ونظفت بها قلبها من كل الطعنات و الصدمات.ولكن خوف المسكينة من تلطيخ سمعت أهلها أكثر

بانتشار الفضيحة جعلها توافق على الأقل لتدفن الفضيحة وليبقى هذا الأمر مستورا وللأسف لم تمر شهور حتى وقع الشريط في يد ابن

عمها فانتشر الخبر وشوهت صورتها وصورة والديها المتدينين فهاجروا هربا من نظرات الناس الجارحة ولكن الفضيحة ظلت تلاحقهم

أينما ذهبوا .وعند لقاء هذه الفتاة بذاك المجرم الذي غير مجرى حياتها ولوثها وبينما هو سكران اخدت خنجرا وطعنته إلى أن وقعت

أعينه وخرج لسانه فانتهى به الحال تحت التراب وانتهى بها الحال بين القضبان .